بيان المخرج
بدأ أول فيلم وثائقي لي، "أنا ومخزني" وهو شهادة حول انتفاضة 20 فبراير 2011 بالمغرب، بمقطعِ يحملُ المشاهد عبر منطقة شمال إفريقيا التي تمرّدت فجأة على الديكتاتورية والحيف الاجتماعي. وقد بدأ هذا المقطع طبعا من تونس -رحمُ ثوراتنا المجيدة. لم يكن يومها أبدا بالحسبان أن أجد نفسي بصدد تصوير شريط "جنّاتٌ فوق الأرض" في أقاصي الجنوب التونسي، الأمكنة نفسها التي تمخضت عنها ثورات 2011 في الأمس القريب بين الأمس واليوم، تغّير الكثير. ليس فقط جيوسياسيا، بل على المستوى الشخصي والفكري أيضا. استغرقتُ منذئذ وقتا للتأمل، للتفكير والاستلهام، وللتعلّم أيضا. بالموازاة مع عملية التفكير الملِيّ وتنمية الوعي السياسي عرفَت منطقتنا تحوّلات سياسية واقتصادية ومدّاً وجزراً بين الثورة والثورة المضادة إذ نجحَت في إشراك بعض الأشخاص مواضيع الفيلم كمُنتِجين، معطيةَ إيّاهم بذلك سلطة" اختيار الطريقة التي يتمّ تصويرهم بها. نجَحَت هذه التجربة أيضا في جعل نفسها متاحة، ومستقلّة عن الدول والشركات والمؤسسات السينمائية النخبويّة. كما حقّقت نجاح آخر، تجلّى في التشبث بالأمميّة والتضامن المُتحدِّي للحدود
هذه السنة كانت بالنسبة لي، على مختلف الأصعدة، سنة التجريب. سنةً حاولت خلالها تطبيق الأفكار التي تكوّنت لديّ وألهمَتني خلال السنوات الستّ الماضية. هذا المشروع هو الثاني من ثلاث تجارب خُضتُها هذه السنة. سعيتُ من خلالها إلى التجانس الفكري بين مختلف أنماط الإنتاج التي أشتغل بها والمواضيع التي اخترت التركيز عليها، والقوالب السينمائية والفنية التي أُعبّر بها عن هذه المواضيع، وكذلك وطرق التوزيع والعرض التي يصل بها المنتوج السينمائي الأخير لمشاهديه
مثل كل التجارب، كانت لهذه التجربة نجاحاتها ونقائصها. إذ نجحَت في إشراك بعض الأشخاص مواضيع الفيلم كمُنتِجين، معطيةَ إيّاهم بذلك سلطة اختيار الطريقة التي يتمّ تصويرهم بها. نجَحَت هذه التجربة أيضا في جعل نفسها متاحة، ومستقلّة عن الدول والشركات والمؤسسات السينمائية النخبويّة. كما حقّقت نجاح آخر، تجلّى في التشبث بالأمميّة والتضامن المُتحدِّي للحدود. وتتبّين حقيقة ذلك في مجرّد اختيار الأشخاص مواضيع السلسلة، القادمين من كل أنحاء المنطقة. هذا دون الحديث عن فريق الإنتاج. فهو إنتاج مغاربي بامتياز، رافضٌ للتصنيفات القومية السخيفة المعتادة للأفلام ومتبنّيًا لرؤية ديكولونيالية لشمال إفريقيا. أما بالنسبة لنقائصها، فسأكتب عنها عندما تتضح أكثر، لكن الأكيد منها هو عدم العمل بشكلٍ كافٍ على إعطاء مساحة أكبر للنساء لإيصال صوتهنّ |